فيتو - كلمة صغيرة.
كلمة صغيرة من أربعة حروف من شأنها أن تغير مجرى أحداثٍ في عالمٍ
بأكمله، من شأنها أن تخرجك من بيتك الذي عشت فيه قروناً من الزمان، ما هي إلا كلمة
ولكن لها وزن ثقيل عند ناطقها والمعبر عنها، إنها كلمة من المفترض أنها وضعت من
قانون عادل يحكم بالعدل، ولكن موضع هذه الكلمة بين كل الخطابات المتكدسة والقرارت
المكتظة في أدراج الأمم المتحدة خبيثة، إنها كلمة تسخر الشياطين في باطن الأرض وفي
أعماق بحرٍ لُجي، كي يفسدوا طعم الحياةِ في أفواه المستضعفين في الأرض، إنها كلمة
سحرية تقرر مصائر شعوب، وتحجب بصائر أمم عن الحق، وتغذي بطون الظالمين، فيكون
ناطقها لهم لفيفاً.
إنه مسمارٌ يُدق في النعش، كي تكتمل مراسم الدفن على مرأى من الجميع،
وليس لك الحق أن تتكلم أو تتأوه أو تبكي أو حتى أن تجلس في صمت، بل يجب أن تختفي
عن وجه الأرض تماماً.
الفيتو لمن لا يعرفه بعد هو حق تستخدمه دولة ذات سيادة عظمى في
العالم، تستخدمه كي تعترض على قرار ما والتصويت بالفيتو يسقط القرار حتى لو كان
عليه إجماع وينطق بالإنجليزية Veto))، وهي كلمة لاتينية تعني
"أنا أمنع"، وهو موجود منذ أن تأسست الأمم المتحدة عام 1945م، وتم إستعمال حث الفيتو إلى الآن 293 مرة، وما يهمني في هذه المسألة رقمٌ واحد رقمٌ قاسي بالنسبة لكل
فلسطيني في كافة بقاع الأرض، حيث إعترضت أمريكا ضد القرارات التي تصب في صالح
الشعب الفلسطيني المنكوب 43 مرة.
لدينا نصيب كبير من الفيتو هذا، نحن الذين نسكن
أسفل جسور العالم، العالم الذي يخبز خبزه بآلام من تحتهم، العالم الذي قال نعم من
حقهم أن يغتصبوا هذه الأرض، وأن يشاهد صاحبها الحقيقي أرضه وهي تُعمر وتبنى لغيره
لمن ليس له أدنى حق فيها، إنه قرار في قاعة واحدة غير خريطة الوطن، الذي يبعد عن
قاعتهم آلاف الكيلو مترات.
ما كنتُّ أعلم كلمة لها وقعٌ كبير كهذه الكلمة
الشبحية، التي تظهر لك في كل مرة تريد فيها أن تعود إلى زيتونتك أو أن تذهب لتشعل
فرن الطين في أرضك كي تخبز من قمحك خبزاً لتُطعم أولادك الصغار، أو أن تزور أبيك
وأمك الذين يعيشون على بعد خمس دقائق من منزلك ولكن يفصلكم جدار مهيب يجعل الخمس
دقائق خمس ساعات، أو أن تذهب لتتعبد
الله في بيت الله الذي فاض بك العمر كله كي تراه، وتستظل بأشجارها وتأكل من كعكها،
وتتمارى بقبتها الشقراء، وتُلاعب صغارك في باحاتها، وتبكي في صلاواتك.
هذه المفردة الهجينة علينا، فإن اليوم بلغ عدد اللاجئن فقط في الدول
العربية ما يزيد عن 1,4 مليون لاجئ، و 7,1 مليون لاجئ في العالم كله، وهذا فقط بسبب
كلمة، بسبب إعتراض ليس من حقه أن ينتزع من الأرض ملايين الناس ظلماً، إن الحقيقة
مؤلمة والأشد ألماً هو الصمت المطبق على قلوب الجميع.
في عام 1948م صدر قرار من الأمم
المتحدة المعروف برقم ((194، والذي ينص على عودة
اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، ولكن نحن اليوم في عام 2023م ولم يحدث شيء من هذا، لذلك دعونا من هذه الوعود الفارغة والأفكار
التي ليس لها أي قيمة طالما لا تطبق، وعلى العكس تجد أن القرارات التي تصب في صالح
الإحتلال يتم الموافقة عليها وتطبيقها بكل سهولة وتبجح.