غسان كنفاني - لماذا غسان؟
إن قلماً كان قادراً على مضايقتهم وجعلهم يتخبطون، فإنهم يخافون من
فوهتين، فوهة البندقية وفوهة القلم الذي هو كحد السيف على رقابهم، فإنهم أجبن من
أن يقفوا في وجهك وينظروا في عينيك الفلسطينية الثائرة ويقتلوك.
كُنتَّ طفلاً في يافا عندما جعلوك وأهلك تغادروا الديار سيراً على
الأقدام نحو مخيمات اللجوء المؤقتة في لبنان، لبضعوا على طفل بعمر 12 عاماً صفة لاجئ، وهناك مضت الحياة بك،
وأكملت أيامك تدرس، وذهبت إلى دمشق لتعمل مدرساً، ومنها إلى الكويت ثم عدت لتستقر
في بيروت عام 1960م.
باشر غسان العمل في جريدة الحرية التابعة لحركة القوميين العرب التي كانت النواة الأساسية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي إلتحق فيها غسان كنفاني وازداد نشاطه السياسي، فأصبح عضواً في المكتب السياسي للجبهة الشعبية والتي كانت فصيلاً فلسطينياً يسارياً، وأصبح الناطق الرسمي بإسمها، ورئيساً للتحرير في مجلة "الهدف".
لماذا أرادوا اغتيال غسان كنفاني؟
لقد أسهم غسان في وضع استراتيجيات سياسية وبيان تأسيس للجبهة الشعبية
في المنطقة وفي الوسط الفلسطيني، ليؤكد على أهمية وضرورية العمل الفدائي والكفاح
المسلح ضد الاحتلال.
وفي هذه الفترة الصعبة، كانت حركة الجبهة الشعبية تشكل دوراً مهماً في
محاربة الاحتلال، حيث أنها كانت تقوم بعمليات كبيرة جداً وواسعة مما أثار قلق وخوف
إسرائيل.
في عام 1970م شهر سبتمبر قد تم
التخطيط لعملية على إثرها أجبرت الجبهة الشعبية 3 طائرات على الهبوط في
مطار "داوسن فيلد" العسكري الموجود في منطقة صحراوية، وفي هذه الحادثة
قد تم إعقتقال 310 من الرهائن ومنهم 65 يهودياً، وكان الهدف من
العملية هو إتمام عملية تبادل للأسرى المعتقلين في سجون الإحتلال، وقد تم إطلاق
سراح 4 أعضاء من الجبهة الشعبية وكانت على رأسهم
" ليلى خالد ".
وعلى الرغم من أن هذه العملية قد حصلت في صحراء الأردن إلا أن غسان كنفاني كان في واجهة المشهد، لأنه المتحدث الرسمي بإسم الحركة، وهذه ليست العملية الوحيدة أو الحدث الوحيد الذي أثار غضب الحكومة الإسرائيلية، ولكن من الواضح أن هذه الأعمال جعلت غسان كنفاني على رأس المطلوبين لدى الموساد الإسرائيلي لدولة الاحتلال.
في يوم اغتيال غسان كنفاني، أشارت التحقيقات إلى أنهم وجدوا في مسرح
الجريمة شعاراً يعود إلى إسرائيل، فوجهوا أصابع الاتهام إلى الموساد بشكل مباشر في
عملية اغتيال غسان كنفاني.
وتوفي غسان كنفاني حاملاً معه الفكرة والقدرة، وأورثنا إيها كي نبقى
على نفس الخطى، وقد شارك في تشييع جثمانه قرابة 40 ألفاً يهتفون للبطل ولصاحب القلم الحاد غسان كنفاني.